الدراما الرقمية في الفن التفاعلي بين علم التطبيق الذاتي والعالم الافتراضي

Exploration de l’intersection entre la cybernétique, les royaumes virtuels et l’art interactif : l’ère du drame numérique

Exploring the Intersection of Cybernetics, Virtual Realms, and Interactive Art: The Era of Digital Drama

بن عزة أحمد

Citer cet article

Référence électronique

بن عزة أحمد, « الدراما الرقمية في الفن التفاعلي بين علم التطبيق الذاتي والعالم الافتراضي », Aleph [En ligne],  | 2024, mis en ligne le 04 mai 2024, consulté le 18 mai 2024. URL : https://aleph.edinum.org/11915

أضحت البنى الرقمية تفرض نفسها، ولعلّ أبرزها توظيف طلائع المبدعين لمفهوم الفن التفاعلي عبر العالم الافتراضي، وما يمكن تسميته بعلم السيبرنطيقا، إذ وفرت لنا نطاقاً لا نظير له من أدوات وتجارب التفاعل الفني، بحيث يعيش المتلقي في مجال خبرة غير مألوفة، لينمي ذائقة جمالية معاصرة، لا باعتبارها أعمالا فنية صرفة نتيجة التكنولوجيا، وإنما الغاية تتبع حضور نوع من الدراما التي نراها مستقبلية ومتجددة يمكن أن نطلق عليها الدراما الرقمية على السطح البصري غير المجنس، لاختبار الأفكار ومدى تأثير الفعل وردة الفعل للعمل الفني على الجمهور

في ضوء هذه الاعتبارات خَلُص البحث أن قدرات العقل الإنساني تبقى محدودة، باستثناء المجال الفني، ذلك أن معيار الإبداع في الفن هو قدرته على الانفلات من أسر لعبة الحياة وقوانينها المجردة، كما توصلت الدراسة إلى أن الاستيعاب السليم للتكنولوجيا، واستغلالها استغلالا رشيداً، سوف تكون مِعّوانًا للمتلقي، وتصبح علاقة التكنولوجيا بالدراما، سهلة المأخذ وميسورة التناول.

Les structures numériques se sont imposées d’elles-mêmes, incluant l’utilisation des pionniers dans la création du concept d’art interactif à travers le monde virtuel, ainsi que ce que l’on peut qualifier de cybernétique, car elle nous a fourni une gamme inégalée d’outils et d’expériences d’interaction artistique. Cela permet au destinataire de vivre dans un champ d’expérience inconnu, favorisant le développement d’un goût esthétique contemporain. Il ne s’agit pas simplement de produire des œuvres d’art pures grâce à la technologie, mais plutôt de suivre la présence d’un type de drame que nous considérons comme futuriste et renouvelé, que nous pouvons appeler « drame numérique » sur une surface visuelle non naturalisée.

En prenant en compte ces considérations, la recherche a conclu que les capacités de l’esprit humain restent limitées, à l’exception du domaine artistique. Ainsi, le critère de créativité en art réside dans sa capacité à échapper à la captivité du jeu de la vie et de ses lois abstraites. L’étude a également révélé que la bonne assimilation de la technologie et son exploitation rationnelle seront d’une aide précieuse pour le destinataire. La relation entre la technologie et le drame devient ainsi plus accessible et plus aisée à aborder.

Digital structures have asserted themselves, encompassing the pioneering efforts of creators in the development of interactive art within the virtual realm, a domain often associated with cybernetics. This integration has furnished an unparalleled array of tools and experiences in artistic interaction, fostering an environment where recipients engage in uncharted realms of experience, cultivating contemporary aesthetic sensibilities. Rather than serving as mere manifestations of technological advancement, the objective is to explore the emergence of a futuristic and revitalized form of drama, herein referred to as digital drama, manifesting on non-naturalized visual surfaces.

In light of these considerations, research has concluded that while the capacities of the human mind may be constrained in various domains, notably outside the artistic sphere, creativity in art thrives on its ability to transcend the confines of life’s mundane routines and abstract conventions. Furthermore, the study highlights the beneficial role of technology assimilation and its judicious application in aiding recipients, facilitating a seamless integration of technology with dramatic expression.

مقدمة

ساعدت التكنولوجيا الولوج إلى تجارب فنية غير مألوفة، تفي بالمتطلبات الإبداعية لفنان العصر الراهن، كما فتح له علم التطبيق الذاتي فكرة التهجين الفني المتمثلة في التفاعل والتمازج بين جسم الفنان والأعضاء الخارجية الموصولة مع الآلة، ولم تعد التكنولوجيا قائمة على التولج والتداخل فقط، بل أضحت قائمة على تضايف الخصائص والوظائف فيما بينها، وعكست لحظة مزج الأزمنة والأمكنة التي لا يمكن أن تجد حقيقتها إلا في معطياتها الآنية، وكدعم لهذا الترابط بوصفه مفهوما جامعًا يتسع لمختلف العلاقات بين النصوص، يأتي السياق الدرامي باستعمال الحاسوب والمعلوماتية ومتعلقاته التواصلية وخلفيات برمجة المستظهر على شاشة الحاسوب، للإيصال المحتوى ومن ثم انتظامه على المستوى المرئي الذي يحدد قوانين قراءة الواجهة عند للمتلقي، وهو ما تسمح به الهندسة البصرية في العالم الافتراضي حين يتم ترجمتها إلى علامات ألفبائية لصالح القارئ أثناء تحيين أو تفعيل الوسيط، أو التنقل من موقع و زاوية مشاهدة إلى أخرى، فحينما يتحول أي عمل فني ومعلومة إلى كيان افتراضي فإنه يتموضع خارج ’الهُنا’، ويصبح بلا مكان محدد، لأنه انفصال عن الحيز الفيزيائي أو الجغرافي العادي ومن زمانية الساعة والتقويم.

أمام هذه المسألة بقي أغلبية الفنانين المبدعين في المجتمعات العربية والإسلامية، يستحضرون الماضي بإنجازاته، والنقاد الفنيين حبيسي التكرار المألوف والغياب الذي يصدع ويشق أي حضور للإبداع، لدرجة أصبحت أيديولوجية سائدة في الوسط الفني، فالفنان لم يقم بالمهمة الاستشرافية واكتفى بمهمة المتابعة والتقييم والعيش في سجن المعلومات المدونة في الذاكرة، وحاول تطوير الفن تطويرا داخليا حتى استنفذ قواعده وعناصره، وكان عليه أن يلاحق التطوير، كما أن الناقد، الآتي من تخوم هاته المجتمعات لم يستجيب هو الآخر، للمتغيرات الحضارية المتسارعة، واكتفى بالشرح والتفسير وتعريف السير الذاتية للفنان، و المراوحة بين مصطلح الأصالة والمعاصرة، بدل تفكيكها انطلاقا من واقعها، وبذلك قدم نقدا ونتاجا فنيا مضادا لطبيعة الأعمال الفنية المعاصرة المنطوية تحت التكنولوجيا، وهو خلط في الأدوار، فالذي يميزهما عن المتلقي، هو قدرتهما وخبراتهما الفنية، التي تغنيهما في تحديد أسس الإبداع الفني من التطور الثقافي والجمالي للأمة، بمعنى وعي التطور التكنولوجي للأشكال الفنية، بهدف استيعاب الفكر الإبداعي الكامن فيها.

وهي أهم العناصر التي يفتقدها المتذوق، وهو دور بقي يتخبط في قالبه الناقد والفنان، بدل التكيف مع تغيير جماليات التلقي لفن ما بعد الحداثة، فوحدة الزمان والمكان في التصور الأرسطي والأفلاطوني، قد تغيرت طبيعتها وبالتالي تغيرت العناصر الجمالية التي تحاول صياغة هذه القيم وفق الإحساس الجديد بالزمنكاني، ومعنى هذا أيضا أن الفن يتطور بطبيعته بعد أن تستقيم مقوماته وعناصره، ثم ينفتح أعلام النقد والفن على التكنولوجيا الرقمية، للاستفادة من المستودعات الرقمية، والاستعانة بتقنيات وفاعلية البرامج الحاسوبية، بالرغم من أن هذه العمليات ليس هدفاً في حدّ ذاته، فما حسّنته الأجهزة الرقمية تبقى عاجزة عن اكتساب وامتلاك الحكمة، التي هي ميزة البشر، وإنما لتحقيق غاية وهي التعالي بأسلوب جمالي مرغوب فيه، يجمع بين الأصالة والحرية والإلهام من جهة والأصول المعرفية التي هي الجسر الواصل إلى متلقي الذائقة الجمالية من جانب آخر.

مشكلة البحث مما سبق ذكره تستدعي الحاجة إلى طرح الهاجس المعرفي التالي : إلى أي مدى وصلت مشاكلة البيئة الدرامية بالتفكير الإبداعي مستفيدة من دينامية التكنولوجيا تحت سطحية الوجود الفيزيائي الآني؟ وهل حالة تشبع الخطاب الفني هي التي تدفع بمخيلة الفنان إلى الانفصال عن واقع الأحكام الجمالية السابقة؟

1. الدراما الرقمية والفن التفاعلي

1.1. مفهوم الدراما الرقمية

من أكبر إنجازات البشرية في العصر الحديث، إن لم يكن أعظمها على الإطلاق اختراع الشاشة الزرقاء وما صاحبها من ثورة معلوماتية، شملت نواحي الحياة التي انعكست على الإنسان وشكلت اتجاهاته نحو الأحداث والقضايا التي تعد جزء من اهتماماته، ثُمّ إنه من أهم الجوانب التي تتصل بثقافة المجتمعات نجد منتوجها الفني، الذي يعكس ملامح كل عصر، من وضع حضاري أو ديني واجتماعي، « ولأن جوهر التكنولوجيا ليس تكنولوجياً، فإن الانعكاس الأساسي للتكنولوجيا المواجهة الحاسمة معها يجب أن يحدثا في عالم قريب من جوهر التكنولوجيا، من ناحية، وفي الوقت نفسه عالم مختلف جوهرياً عنه. هذا العالم هو الفن »(السيد، 2018، ص 38).

فالفن يعرض العديد من مظاهر الثقافات، ويوضح في نفس الوقت الحقائق والأساطير والقصص الشعبية التي تتصف بها المجتمعات، ومن هنا تلتمس الدراما موضوعاتها من الحياة الإنسانية بكل جوانبها، فتمس حياة الإنسان لتعالج وتبني أخلاقيات وقيم وأساليب التأثير على سلوك الفرد، « فالدراما باعتبارها نصوص مفتوحة للقراءة، تقوم بإعادة إنتاج الواقع الموضوعي في صورة خيالية، تجسد الأفكار والقيم في شخصيات نابضة وحوارات واقعية، مضافا إليها الحبكة والمؤثرات السمعية والبصرية والإيحاءات، ليصل المعنى للمتلقي مشحوناً بما يجب أن يفعله ضمن حركته في المجتمع »(عفت، 2019، ص08).

وأمام التجريب الذي يكتسب أهميته من الإبداع المستمر والغير مقيد، ويواجه قدرا من الممانعة أمام المألوف والمتعارف عليه، ويتخطّى المستبعد والدّخيل في الممارسات الممكنة إلى الغير متوقع، ظهرت مفاهيم تتصل بالنصّ المترابط Hypertexte والتصميم التفاعلي والفضاء الشبكي، والواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي والنمذجة والتحريك وتعقب الحركة، وهذا راجع لما يحدثه التجريب من خلل وتهديد لحدود ضبط المصطلح والمعنى، ويراهن على تجديد المفاهيم التي تخلقها نماذج الاحتذاء بفعل اعتياد الممارسة، نحو اكتشاف مجالات جديدة في التفكير والتعبير، « تأتي تلك الثمرة المؤكدة للسيادة والتمايز الثقافي بقابليته للتجدد والتفاعل، وهو في ذاته المناعة الحقيقية التي تواجه الإقصاء والاستنزاف والتقلص والتآكل والهيمنة والاستلاب، الذي يقطع الانتماء عن الذات انسحاقا وانبهاراً، كما أن شبكة الحماية المؤثرة لأي ثقافة من أن تصبح مسخاً ثقافيًا، هو التعامل الواعي المتفاعل والإيجابي الخلاّق من تجليات التقدم العلمي والتقنيات وحقائق العصر »(جيلبرت، تومكينز، 1996، ص 11 -12)، ويحفل باستحداث فكرة التزاوج بين الفن والرقمنة، وكيفية التحول الأدائي عبر وسيط أشمل، يخلق توتر جدلي وتفاعلي، بين الفنان المُنَفِذ، واختبار تفاعل أمزجة الجمهور الفوري، حيث يمكن أن يرفق أي منتوج فني بردود وتعليقات فورية، فترتقي طرق الأداء في شكل لا سردي، وفعل له خصائص معينة وانفعال تراجيدي، من خلال عالم المعلوماتية والتكنولوجية، مستفيدة من الثقافة الرقمية والذكاء الاصطناعي.

وبالتالي إتاحة الفرصة لمولد ’فورم’ جديد، واعتباره من الآن بما يمكن تسميته الدراما الرقمية (التشعبية الهايبردراما-Hyper Drama-)، بمعناها الفائق الذي يجمع بين الدراما والنص الترابطي عبر الشاشة الزرقاء؛ ومن خلال لغة وصف الصفحات HTML التي تُستخدم لبناء صفحات مواقع الإنترنت، طرأت بعض التغيرات على طبيعة العملية الإبداعية، مثل الإبداع المسرحي الرقمي الذي بدأ بالدراما الرقمية عند تشارلز ديمر Deemer Charles، وانتهاء بأحدث التجارب في العرض الرقمي واستخدام مسرح الأنترنت، « فالمشاهد في الدراما التشعبية لا يتتبع الدراما خطياً، كما في المسرح التقليدي، بل عليه أن يختار المشهد الذي يرغب في مشاهدته، لأن الدراما تنتظم في شبكة من المشاهد التي تتابع بشكل متواز. وبينما تؤدى المسرحية التقليدية على المسرح، تؤدى الدراما التشعبية في بيئة حقيقية، مما يفسر السبب في تسميتها فيلم حيّ. خشبة المسرح تشبه موقع التصوير السينمائي، أي مكان حقيقي كتبت من أجله الدراما »(السيد، 2018، ص 85).

وهو ما يفصح عن الممارسات الأدائية التي تستدعي الحاجة إلى وضع نظرية جديدة لجماليات الأداء والإدراك والاستنساخ الرقمي للأعمال الفنية، ومناقشة فلاسفة ما بعد الحداثة للتكنولوجيا، بأفق الفهم الإنساني الذي يستقرئ المعنى؛ « فالتكنولوجيا في المنظور الكلاسيكي بما في ذلك السيبراني هي امتداد للجسد، وتطوير وظيفي لأعضاء الجسم البشري يمكنه من مضاهاة الطبيعة والنجاح في استغلالها، فمن ماركس حتى ماكلوهان، سادت الرؤية الأدائية للآلة نفسها بوصفها وصلة وامتداداً ووسيطاً من طبيعة مكرسة بشكل مثالي لتصبح الجسم العضوي للإنسان. ومن المنظور العقلاني يكون الجسم نفسه مجرد وسيط » (السيد، 2018، ص 45)، وعندما نرغب في معرفة المزيد عن طبيعة التفاعل بفضل الرقمنة، والمعالجة البرمجية الحاسوبية القائمة على الذكاء الاصطناعي، التي تحول الأوامر والنص المخطوط والمطبوع والألعاب الدرامية التفاعلية التي تحاكي الواقع، إلى صيغة تعبيرية رقمية على شبكة الأنترنت، فإنه « يسير الذكاء الاصطناعي بالدراما وأداء الممثلين بشكل سلس وباللغة الطبيعية المستخدمة في الحوار، إلى الضغط على وصلة أو إدخال أمر ما، ليدخل المتفرج إلى المكان ويبدأ الحدث، وفقاً لاستجابة المتفرج اللحظية. إن هذا الشكل الدرامي الجديد يعتبر تحطيماً للبنية الدرامية التقليدية التي يقدم فيها النص عالماً مغلقاً ومكتملاً بذاته. وفي الوقت نفسه يتمتع بالحرية في الانسحاب أو التدخل. هنا لم يعد هناك نص واحد بل أصبحت هناك بدرجة أو بأخرى عدة نصوص بعدد اللاعبين /المتفرجين، مادام الحدث يسير وفقاً لاستجابة المتفرجين »(السيد، 2018، ص 82-83).

2.1. مفهوم السيبرنطيقا والعالم الافتراضي

أدخل هنا محتوى العنوان الفرعي الثاني، أدخل هنا محتوى العنوان الفرعي الثاني، أدخل هنا محتوى العنوان الفرعي الثاني، أدخل هنا محتوى العنوان الفرعي الثاني، أدخل هنا محتوى العنوان الفرعي الثاني، أدخل هنا محتوى العنوان الفرعي الثاني، أدخل هنا محتوى العنوان الفرعي الثاني.

إن تناول واقع التكنولوجيا يقتضي بالضرورة الحديث عن السيبرنطيقا/السبرانية بسبب حداثتها، والهزّة التي أحدثتها في طبيعة البيئة الاتصالية على نحو جديد، فهي علم تجريبي يُعنى بفعل التحكم ورد الفعل، وقبل الحديث عن قمة تسلسلها الهرمي الذي غير النموذج التقليدي، فإن التعريف بـ(الأصول اللغوية لهذا المصطلح في اللغة اليونانية، ترجع للفظ اليوناني القديم Kubernetes، ويقصد به مُوجه السفينة والمُتحكم في مسارها، وقد استعمل أفلاطون هذا المصطلح، ليدلّ به، على علم توجيه السُفن، ثم استعمله أندريه أمبير André Ampère في عام 1934، قاصداً به علم السيطرة على المجتمع، ليرتبط فيما بعد بـ نوربرت فينر Norbert Wiener، وقصد بها نظرية التحكم والاتصال سواء في الآلة أو الكائن الحيّ، ويعني الدراسة المقارنة لنظم السيطرة الآلية والاتصال في الجهاز العصبي والدماغ، وفي الآلات الميكانيكية والكهربائية، وبين الكائن وتلك الآلات)(مريني، 2015، صفحة 37).

شكل 1 : مبدأ الترابط والارتباط بين الإنسان والآلة

شكل 1 : مبدأ الترابط والارتباط بين الإنسان والآلة

هكذا أدى إتقان السيبرنطيقا إلى تحديث التعليم والمعرفة وانتقلت بها التكنولوجيا تصاعديا وتحريكها في اتجاه الوسائط المتعدّدة، وبتوضيح أدقّ، يمكن اعتبار أنّ السيبرنطيقا Cybernetic، (هي علم التطبيق الذاتي، علم يدرس عمليات التحكم والتوجيه والحركة في الكائنات الحية والآلات على السواء، وبها استطاع الإنسان أن يربط بين النظم الحية والنظم التكنولوجية، وهذا العلم يستعمل كوسيلة لاكتشاف وتصميم الآلات، وتنهض بعمليات التوجيه الآلي، وتملك القيام بوظائف في بيئات وأوقات مختلفة، تُحَوِل حدود وكفاءات الإنسان البيولوجية دون القيام بها. وتقوم السيبرانية على علوم التحكم الذاتي والرياضيات والمنطق وعلم الحياة ونظرية الآلات...إلخ) (خطيب وبسطاويسي، ب. ت، ص 120).

مع الأخذ بعين الاعتبار جملة التطورات التي ذكرناها، يمكن القول إنّ معرفة المستويات العلمية للسيبرناطيقا، تتطابق مع مشروع المعرفة الخاضع لمنهج العلوم الدقيقة، الذي وضّح مبدأ انتظام العلاقة بين الآلة والكائن الطبيعي، فكلاهما يشتركان في فكرة ومبدأ الترابط والارتباط1، (فمع ظهور العديد من النظريات والتي تساهم بدورها في تغيير المعايير التقليدية في الفن، نجد النظرية الترابطية التي تركز على تعليم المتعلمون كيف يبحثون عن المعلومات وتحليلها/تركيبها، للحصول على المعرفة، لذلك فإنه من الضروري الاهتمام بالتفكير الترابطي وتعميق جذوره عند المهتمين بممارسة الفن التشكيلي داخل الكليات الفنية المتخصصة)( ليالى عبادة، 2018، صفحة 14)، فللإنسان جهازه العصبي بخلاياه العصبية التي تنقُـلُ الإشارات والمعلومات الحسّية للدماغ أو تلك التي تتبادل أوامره مع العصبونات الحركية المنظمة للوظائف التلقائية بالنسبة للإنسان، أما الآلة فتركيباتها تكمُن في الألياف الضوئية والبصرية والكابلات الصناعية وباقي الوسائط التكنولوجية المرتبطة بنقل المعلومات، بأمر من البرامج واستشعار البصمات واللمس، وبين هذا وذاك يحدث الترابط والارتباط بينهما، عن طريق إيجاد بدائل استنبات أعضاء مصطنعة في جسم الإنسان، التي يتلقاها معالج الكمبيوتر، ليتم تحويلها إلى إشارات تسير عبر موصلات تنبه الأعصاب، سواء أكانت من خلايا حية أو اصطناعية، وهي المحاولات التي تعتمدها هندسة تكنولوجيا الأحياء المعاصرة بتقنية التغذية العكسية أو المرتدة Feed Back، إذ (توصف السبرنطيقا بأنها فن التحكم، وهي لا تحيد بهذا المعنى العام عن إجراءات التحسيب والتحريك والتنبؤ، وفي ضوء هذا المعنى، نتمكن من تحديد أبعاد النشاط السيبرنطيقي في النقاط الآتية : الحساب الدقيق للنتائج المترتبة عن الأحداث الفعلية وتحريك مجموعة من المعطيات والأحداث وفق خطط، وأخيرا التنبؤ بوقوع الأحداث، من خلال مجموع العمليات التحسيـبـية أو الذهنية)(شيباني، 2014، صفحة 77).

يصبح عندئذ تعديل الاستجابة في ضوء التغذية المعاكسة من الموقف، أمر في غاية السهولة، وحتى لو لم يكن من السهل دائمًا تعريف هذا التعقيد بدقة، فالفكرة تم تطويرها مع جيلها الثاني في الواقع المعزز Augmented Reality، التي مكنت للمستخدم من رؤية مشاهد وهمية في محيطه الحقيقي بعرض 2D و3D أو تجربة D4، للاستحواذ على حواس الجمهور وتشدّ متلقيها بالأحاسيس والشاعرية، كالذي يتابع معظم الأعمال الدرامية الرقمية الموجهة للطفل، حيث تندمج المشاهد مع الواقع الحقيقي للمستخدم عند برمجتها بعدة ردود أفعال مع الآلات الذكية، (وتستخدم حاليا السيبرنطيقا في مجال علوم الحاسب الآلي، وهناك اتجاه نحو تطبيقها على الإنسان باعتباره نظاما ديناميا أيضا، فوجهة النظر هاته تعتمد على ما يفعله الإنسان، فإنه يستخدم التغذية العكسية التي تأتي نتيجة ردود أفعال أو نتيجة افعال الناس وتعليقاتهم)(مرسي، 1994، صفحة 106)، كما نرى في بعض تجارب الفنانين] شكل 1-2[.

شكل 2 : تطبيق فكرة التغذية العكسية أو المرتدة Feed Back بين الإنسان والآلة في العمل السينمائي Avatar، بداية من توزيع ال (Sensors) على جسم الشخص الحقيقي مرورا بالترجمة الرقمية لحركة الجسم وبناء الشخصية الرقمية، ثم الربط بينهما لتنفيذ نفس الحركات والأفعال.

شكل 2 : تطبيق فكرة التغذية العكسية أو المرتدة Feed Back بين الإنسان والآلة في العمل السينمائي Avatar، بداية من توزيع ال (Sensors) على جسم الشخص الحقيقي مرورا بالترجمة الرقمية لحركة الجسم وبناء الشخصية الرقمية، ثم الربط بينهما لتنفيذ نفس الحركات والأفعال.

استكمالا لهذه الإنجازات التقنية الجديدة، فإن الحديث عن (كلمة افتراضي virtuel، بالفرنسية المشتقة من كلمة virtualis، في اللغة اللاتينية للعصور الوسطى، وهي بدورها مشتقة من Virtus، أي القوة والقدرة، تطلق على التعبير الافتراضي في الفلسفة المدرسية، على الشيء الموجود بشكل كامن، لا على الشيء الموجود بالفعل، ويميل الافتراضي إلى أن يصبح فعليا من دون المرور مع ذلك، بالتجسيد الفعلي والشكلي)( ليفي، 2018، صفحة 17)، فهو أيضا تعبير فني مركب، اعتمد على منافسة متعددة المزايا، بالنص والصوت والصورة والفيديو والرسوم، لتكون بين يدي المتلقي على محتوى مرئي في آن واحد، ليس فقط بمشاهدته، ولكن بالتفاعل معه، فأضاف للمشاهد، الحسّية الجمالية والجذب التفاعلي والكونية، ومن هذه الضرورة، جاءت (ثمرة الواقع الافتراضي.. .، ففي عام 1960، ابتكر إيفان سيزر لاند Ivan Sutherland أجهزة العرض الرأسية 2Ahead–Mounted Display، واحدًا من النظم الرائدة للواقع الافتراضي، وفي 1965، نشر إيفان، تقريراً وصفياً بعنوان العرض المطلق The Ultimate Display، وهو عبارة عن حجرة يتحكم الكمبيوتر في كل أنواع الوجود المادي ومن خلال برامج مناسبة، يدخل الفرد إلى أرض العجائب التي مشت عليها أليس ’Alice in Wonderland’، وكان بذلك هو أول من أنشأ مسرحًا للبحث في هذه التكنولوجيا، والتي نسميها الآن الواقع الافتراضي أو التخيلي Virtual Reality)(زيتون، 2004، صفحة 363)، فكان بمثابة الحجر الأساس لتطور هذا المصطلح مرة أخرى مع علماء آخرون مثل ’فريدريك بروكس’ و’ﺑﺮوك ﻫﺎﻳﻔﻦ’، و’مورتون هيليغ’ وغيرهم، حين عملت التقنيات الحاسوبية بنقل الوعي الإنساني إلى بيئة الخيال، بحيث يمكن للمشاهد التفاعل معه مباشرة كما يتفاعل في العالم الواقعي، و(التجربة الحقيقية لتكنولوجيا الواقع الافتراضي مع توماس فيروناس Thomas Furnesss، حيث كان التطبيق الأول لخوذات العرض المركبة على الرأس، في سلاح الطيران الأمريكي بقاعدة باترسون الجوية بأوهايو في عام 1982، سمحت للطيارين بإدخال البيانات بصورة مجردة وبأشكال أكثر عقلانية، عن طريق تحليل الإشارات السمعية والبصرية البشرية، لتحديد التوجيهات الخاصة بالطيران)(زيتون، 2004، صفحة 364)، فساعدتهم الفكرة في التدريب ومحاكاة الطيران في صورة مبسطة داخل عالم افتراضي، وهم لازالوا على أرض الواقع، قبل أن يُحَلِقوا في الجو، وهو بالنسبة لهم لازال عالم تخيلي، وهي علاقة ثنائية توأمية لا انفصال فيها للزمان والمكان، لتحقيق السبب المؤدي لنتيجة بطريقة خرافية، فهي أقرب إليهم في الظروف العملية، وهي من الحقيقة لازالت بعيدة عن طيرانهم الفعلي.

2. الفن التفاعلي في الواقع الافتراضي بين الفكرة والمضمون

إنه من السهل الحديث عن التفاعل باعتماد تجريد مجازي لمفهومه المعجمي، بالاشتغال على إيحائية هذا اللفظ، عن طريق تقديم جملة من صور تمثيله بأمثلة في المجال الفني الافتراضي أو الواقعي، وتجريده الإبستيمي Épistémique، إذ يبين تعريفه اللغوي، الآتي من معاجم اللغة العربية، أن (التفاعل من الأصل اللغوي، فَعَلَ الشيء فِعلا وفعّالا أي عمله، وافتعل الشيء أي اختلقه، وانفعل كذا تأثر به، انبساطاً أو انقباضاً فهو منفعل، ويقال تفاعلا أي أثر كل منهما في الآخر)(كنعان، 2015، ص49)، أما في الوقت الحالي، أين أصبح مفهوم الفن يعتمد بالدرجة الأولى على التفاعل بين المبدع وجمهوره لتبادل الآراء والانتقاد والتذوق الجمالي أثناء عملية الاتصال، فإنه ومن خلال هذه العلاقة التفاعلية يمكن أيضا لمشاركين آخرين، المساهمة الفعلية والتجريبية في العمل الفني، إذ (يرى الباحثون أن التفاعل يعني مرسل ومتلقي، لكن بحدوث الاستجابة Responsiveness، أي أن الاتصال التفاعلي يتعدى حدود الاتصال الإنساني إلى الاتصال والتفاعل مع الوسيلة ذاتها، وليس بين الفرد وأطراف العملية الاتصالية)(كنعان، 2015، ص 49)، أما بمفهومه الاجتماعي ومع جُلّ الدراسات التي اهتمت بالنظريات التفاعلية في علم الاجتماع، تجمع على أن (نظرية التفاعل، تنهض على فكرة أساسية، وهي دراسة التصرفات اليومية داخل سياقها المخصوص، ألا وهي الحياة اليومية، وذلك باعتبار الطرق التي يبرزها بها مختلف الأشخاص هوياتهم، ويضبطون من خلالها سلوكهم المتبادل، بحسب الوضعيات المعينة)(عروس، 2010، ص24 ).

باستخدام المرادفة في عالم التفاعل من خلال الكمبيوتر، ظهرت مسميات في مجال الفن، كالتفاعل الرقمي في الفنون، وفي مجال التصميم Interaction design بمعنى التصميم التفاعلي، أين نجد على سبيل المثال الأثاث التفاعلي، أو حوسبة الإضاءة المتفاعلة مع أداء الممثل على خشبة الركح، والأدب التفاعلي، وغيرها، وهي كلها تستظل تحت واحة التفاعل الإنساني الحاسوبي Human-Computer Interaction، الذي ظهر في الثمانينات كمرادف للعلاقة بين الإنسان والكمبيوتر،(فالتفعيل عمل إبداعي؛ إنه عملية خلق وابتكار لشكل استنادا إلى تشكيلة دينامية، لقوى وغايات تختلف عن منحٍ واقع لشيء ممكن، إن التفعيل هو إنتاج صفات جديدة وتحويل للأفكار، ومآل حقيقي يغذي الافتراضي رجعياً)(ليفي، 2018، ص17).

شكل 4 : مهارات العمل الجماعي في الواقع الافتراضي، الذي يسمح للأطفال بالتفاعل والكشف عن أنفسهم، ويظهرون مواهبهم المخفية، إلى جانب القدرة على اتخاذ القرارات وقيادة الأصدقاء.

شكل 4 : مهارات العمل الجماعي في الواقع الافتراضي، الذي يسمح للأطفال بالتفاعل والكشف عن أنفسهم، ويظهرون مواهبهم المخفية، إلى جانب القدرة على اتخاذ القرارات وقيادة الأصدقاء.

زادت التكنولوجيا الحديثة بإتاحة فُرصًا غير محدودة والتي تحصر بجهاز الحاسوب وشبكة الأنترنت، مجالات متعددّة للاستثمار فيها، وتجلي المنتج الفني في العالم الافتراضي، التي قد تبدو للناس بعيدة المنال، وأصبحت الآن في بعض المستويات أمرًا واقعاً، إذ (غالبا ما تَرِدُ كلمة افتراضي في الاستخدامات العادية للإشارة إلى انعدام الوجود التام، بينما تفرض كلمة الواقع إنجازًا ماديًا ووجودًا ملموسًا؛ ينضوي الواقعي تحت معنى أنا أمسك به، بينما ينضوي الافتراضي تحت معنى ستحصل عليه أو الوهم)(ليفي، 2018، ص15)، والتعريف بفاعلية الواقع الافتراضي له خلفية عن كل ما له علاقة باستخدام الأجهزة الإلكترونية والبرامج التعليمية على شبكة الأنترنت والتبادل الحاصل بين المرسل والمتلقي، من خلال خلق ما يسمى بالحقيقة الافتراضية كنتاج للتطور الرقمي، تم التماس بدايته في إنتاج الأفلام الدرامية بشكل عام، لينتقل صدى مبادئها الفاعلية، إلى تقديم مهامًا حقيقية، كالتسويق الإلكتروني والإعلان التفاعلي الذي فرض نفسه على المنشآت في ظل هذه الحقيقة الافتراضية، وقد تنبأ لذلك مع مطلع الألفية فرانك كيلش قائلاً « إذا ما كانت إعلانات اليوم تمارس فعاليتها على المستوى الواسع النطاق، فإن الإعلانات التجارية التفاعلية ستعمل على المستوى المجهري، وبمرور الوقت ستتطور الصناعة خارج نطاق الطرق التقليدية القديمة، وسيكون هناك صيغة إعلانية جديدة أكثر حميمية وشخصية، ويصبح الناس عن طريقها أكثر وعياً ومعرفة بالمبادلات. إنها ظاهرة فريدة ستظهر للوجود، ومن الممكن توليف الإعلان التفاعلي لمعرفة العملاء المتوقعين وغيرها من الإمكانات »(كيلش، 2000، ص 365-366)، مما سمح للمستخدم إمكانية التواصل مع العملاء والتفاعل بشكل فردي دون قيود زمنية أو مكانية، كما يوضحه الشكل 5، حين يؤدي الاستجابة الفورية لحاجيات المستهلكين، كبيع الملابس واقتناء المواد والوسائل، ودراسة تفضيلاتهم وسلوكهم ومن ثم تحقيقها افتراضياً، فتفاعل المتلقي وإحلاله على التحكم ذهنياً بمؤشّر فأرة الكمبيوتر أو ضغطة زر، وبين رقاقات يجري زرعها في شبكية العين، وتحويل الشبكة الاصطناعية إلى كاميرا، يكون بمقدورنا عندئذ التوقف عن اقتناء الخدمات بالطريقة التقليدية، ومن ثمّ الترحال داخل شرنقة ذهنية، لإعادة نظام التسويق الطبيعي إلى وضع افتراضي.

شكل 5 : على اليمين متجر افتراضي في مطار جاتويك Gatwick Airport من شركة Tesco، إذ يمكن للمستهلكين التسوق من خلال الشاشة دون الحاجة إلى الاتصال الفعلي مع المنتوج، وعلى اليسار تجربة الملابس الافتراضية ومدى وملاءمتها للمستهلك دون الحاجة إلى قياسها في الواقع الملموس

شكل 5 : على اليمين متجر افتراضي في مطار جاتويك Gatwick Airport من شركة Tesco، إذ يمكن للمستهلكين التسوق من خلال الشاشة دون الحاجة إلى الاتصال الفعلي مع المنتوج، وعلى اليسار تجربة الملابس الافتراضية ومدى وملاءمتها للمستهلك دون الحاجة إلى قياسها في الواقع الملموس

يوفر عالم الافتراض القدرة على المبادرة والإقبال على تعلم الفنون وممارستها من خلال استغراق المستخدم في هذه البيئة، بحيث يقلّل من البحث أو التنقل خارج الحدود الجغرافية، ( بدءًا بالرسوم الإحتياجية الأولى، والفنون المفهومية والانتقائية والتقليدية، التي أسست لمعالم التشتت المكاني للوحة المسندية، نحو عالم أكثر غرابة، ويؤكد تفوق الزمن في استلام زمام المبادرة في العلاقة مع الفنون المكانية، وهي محاولة واضحة وصريحة لنفي مبادئ النظريات الجمالية التقليدية، والتنويرية والنقدية والطعن في مصداقية استمرار المنهج الجمالي مقارنة بالواقع الافتراضي، الذي أزاح كل شيء، ليعلو زمن الوهم على محاور المستقبل، وتؤسس الحواسيب بناء الأسطورة الإلكترونية بعجائبه الافتراضية وتفتح الجدل على شعائرية المستقبل مع الألفية الثالثة)(معلا، 2011، ص 232)، بحثا عن نوع جديد من الأداء والفعل.

ليس هناك أدنى شكّ في أن هذا التدريب على شعائرية المستقبل، ينبئ بميلاد شاعرية الأحاسيس، أو فيما يراه الباحث دّراما رقمية، سواء جاءت من خلال الفن التفاعلي مع السينما أو المسرح أو أي أثر فني من المجالات الأخرى، بحكم أن (الدراما موجودة في ردود أفعالنا اتجاه العالم وليس في العالم ذاته، إن سرّ الدراما الدائم يكمن في أسلوبها، في وجهة نظر الكاتب أو المشاهد، أكثر من ذلك إذا كان إدراك الفنان للواقع مشروطا بالعصر الذي يعيش فيه والأداة التي يستخدمها، فإن فهم الأسلوب يمكنه من فهم الاثنين معًا)(ستيان، 1995، ص 8)، وقد تم التلميح إليها بالدراما الافتراضية مع ما (اقترحت ’برندا لورال Brenda Laurel 1990 ’، أنه يمكن تكييف مبادئ الدّرامــا الفعّالة في تصميم برامج الكمبيوتر التفاعلية، وخاصة برامج الواقع الافتراضي، إذ تنطلق أفكارها من اختبار نشاطين يسهمان في الاستحواذ على انتباه الناس هما المسرح والألعاب)(زيتون، 2004، ص390).

إن ثراء خطاب الفن الدرامي يرتبط بالمسرح والسينما والتلفزيون والتي تأتي عبر الأثير والبث الإذاعي(وبعضهم يستخدم كلمة الدراما ليشير إلى أي حدث مؤثّر ومحزن، في الوقت ذاته فهو يعني بالدراما الأحداث المأساوية أو المفجعة التي تحتوي على شحنة انفعالية قوية، والواقع أن كلمة دراما فهي لا تعني بالضرورة أحداث محزنة أو ما يندرج تحت مسمى المأساة، فالدراما يمكن أيضاً أن تطلق على أحداث سعيدة أو ما يطلق عليها اسم الملهاة)(الخليفي، 2008، ص 161)، فما يتمخض عنه من صورة درامية وما تنسجه مخيلة الفنان من مفردات أخرى عبر العالم الافتراضي، كان دافعا من وراء ما أسفرت عنه محاولات والمكونات الأساسية (لنموذج ’برندا’، وما ترتب عنه من التمثيل أو تعليم السيناريو كأداء، وحكاية القصص بصورة درامية والتحضيرات عند عرض الأحداث، إنما لزيادة المشاعر ووحدة الأحداث والإطناب بهدف تحقيق الرضا المعرفي والجمالي...، إذ يُعد هذا النموذج الدّرامي ضمن تكنولوجيا الواقع الافتراضي، تحقيقا لمزايا ذات مغزى وبخاصة المشاركة الوجدانية، تجمع بين الإنسان والكمبيوتر ككل متكامل، فضلا عن تقديم وسيلة لاندماج الأشخاص في التجربة الافتراضية بشكل طبيعي)(زيتون، 2004، ص 391).

حاول المتغير التقني والتكنولوجي الهائل، أن يمُدّ كذلك فن الرقص، بدماء جديدة، للوصول إلى العافية وإلى مظهر فيه كثير من الحركة والتطور، وهو ما تراه ’ رابي شو ’، بأن (تجسيد أمثلة واقعية من الناس أثناء تحركهم في المكان المادي الملموس، وبعضها مقام لأجل المؤثرات المرئية، الهدف منه هو تقديم طبع قابل للتعديل وتحقيق التواصل، بمعنى آخر تحويل الرقص من خلال تطعيم عملية التصميم بإمكانات الجرافيك والمونتاج التي يتحها الكمبيوتر والفيديو والاتصال عن بعد، وأن المزج بينهما هو ما يعمل على جذب المشاهد)(شو، 2001، ص123-124)، بأدوات تأتمر بأوامر الذكاء الاصطناعي، وتضيف الكاتبة والفنانة ’رابي’، قائلة (رغم اتفاقي مع رؤية البعض للبقاء في العالم المعاصر، فإنني أتعامل مع تصميم الراقصات الافتراضـي بحسّ يمزج بين الإدارة وضياع الهوية المنفردة في آن واحد، هذا ولا يجب أن تمثل هذه الأعمال بديلا عن مشاهدة الرقصات الحية، وإنما تمثل إشكالات، تكونت لملء فراغ معين في الجغرافيا وطرق الحياة، إنه يستجيب لوجود معاصر ميزه طابع مختلف من التلاقي والتواصل)(شو، 200، ص122)، فالرقص الافتراضي لا يمكنه أن يعوض هذا الشكل عن جو الرقص الحيّ وإنما هو فقط امتداد له، يتقاطع فيها الذاتي بالآلي والإنساني بالتكنولوجي والواقعي بالافتراضي، ومثل رابي تُـعنى ’تريشا براون’ باستخدام التكنولوجيا في الرقص وتطبيقاتها على الجسم (إذ تسمح تطبيقات ’تريشا’، بإحداث تغييرات في بيئة المادة المعروضة، وبذلك يتمكن الفنان والمشاهد من الرقص في مواقع مختلفة مثل الانتقال من المسرح إلى موقع في الغابة، بتعليق الجسم بكابلات ووضعه في بيئات لا يوجد فيها بطبيعته، وبعد عزله، ربما سيفكر الناس في علاقتنا الحقيقية بالجاذبية الأرضية حينما يرون الأجسام مقلوبة، ومعنى الوزن الذي في علاقته مع الأطراف والعظام وكيفية تشكل الحركات الرئيسية للرقص(كولف، 2001، ص114).

تمثلت أهمية تقنيات هذا الجانب أيضاً مع السينما برؤية صورة ثلاثية ورباعية الأبعاد، تبدو أفضل من الصورة التي أتاحتها الشاشة والمونتاج التقليدي، بالاستعانة بالنظارات الخاصة في العروض السينمائية، (فدخول التكنولوجيا في عالم السينما يشبه دخول الصوت عليها الذي له تأثير دّرامـي واضح، كذلك هو الحال مع التكنولوجيا الرقمية، فلها تأثير التأثير الدرامي الكبير والواضح على الفن السينمائي، بل تم الاستفادة منها تدريجيا وأحرزت تقدمًا على غرار الصوت، أين بدأت أنظمة المونتاج غير المتتالي الرقمي في الظهور، والذي أعطى إمكانية أن يتم مونتاج الفيديو Online، عليها، كما أمكن عمل المونتاج السينمائي أيضاً)عبد اللطيف، 2005، ص 151-177)، وبسبب جائحة كورونا، تغير التصوير السينمائي التقليدي، بالتفكير في التصوير عن بعد، والاستعانة بالمؤثرات البصرية والصوتية وأماكن التصوير الافتراضية، حيث يمكن للواقع الافتراضي إعطاء الجمهور تجارب قصة الفيلم بأكثر إثارة ليؤدي أيّ مشاهد دور البطل، فهو لا يرى البطل في الفيلم، بل يرى المغامرة ويعيش الدّراما من خلال شخصيته المشاهدة نفسها، وأن يعيش بأجواء الأفلام سوح الوغى ومحافل الإبداع، وبالطريقة ذاتها يَعبُرُ الحقيقة في تمويهها الرمزي، إلى تأكيد راسخ ومدهش للحقائق التي عاشها مع مجريات العرض، لا سيما عند عزله عن العالم الخارجي بـ 360 درجة، عبر الكراسي المتحركة والنظارات، ويصبح الانغماس والانتقال من لقطة إلى أخرى، مقترنا بضغطة زر، فيتفاعل ويتداخل مع الزمن ويصبح بذاته المُشاهِدة وكيلاً للفيلم، (وهذا الفعل الجمالي يتجسد ويتمثل من خلال الذوات،

التي تتبادل أدوار الحوار، كشخصيات تعمل في العمل الفني، بإشراك وعي ثالث آخر يتأمّل ويتلقى ويسمع ويرى ويقرأ، بمغادرته للأبعاد المكانية ويشغل مكان البطل، ليعود مرة ثانية إلى مكانه ليتأمل الحدث، وبذلك وحده يتحقق ويتجسّد الفعل الجمالي في النسيج الفني، في الشكل المكاني والزماني)(باختين2017، الصفحات 13-14)، فطالما أن المشاهد يشارك القصة ويتلاعب بالمَشَاهِد، في عملية تهجين بين بيئتين منفصلتين، فإنه يستأصل لنفسه وحدة استثنائية بين حدود الواقع الواضحة، وبين عالم ميتافيزيقي يتعذر فيه وجود للحواجز، فلا يمكن أن ينظر إليهما على أنهما بيئتين منفصلتين، ولكن على أساس أنهما متجاورتين، وبين عملية التهجين هاته، يصبح المعقول غير مُمنهج والحدود والمستحيلات نادرة، وهكذا يتشظى كل مُشاهد إلى المغامرات التي يعايشها مع الآخر والعالم الذي لا يعنيه إلاّ بمقدار، و(هذا التوصيف وجد قبولا لدى علماء الاجتماع، إذ يقوم على فكرة تتجلى في أن سهولة الاتصال أدت إنتاج مجتمعات إلكترونية ذات وعي واهتمام مشتركين، وكنتيجة لتيسُر الاتصال في ما بينها، بدأت تشعر كأن تفاعلاتها التي تحصل افتراضــياً، هي تفاعلات مجتمع حقيقي، دون الإرتكان إلى أسس وقيم المجتمع التقليدي، القائمة على الولاء والهوية المشتركة والطبيعة المادية الملموسة)(المصطفى، 2012، ص08).

مع تباعد المسافات وازدياد الارتباط بين مختلف الفعاليات العالمية الرياضية والثقافية والوثائقية، وبغية إحراز أكبر قدر من التغطية الإعلامية، ازداد التعمق العلمي، ليكشف لنا عن الصلات الداخلية والقوانين الكامنة خلف مظاهر الحياة الافتراضية، لنحقق داخلها الوعي بالمعارف والتي لا يمكن تحقيقها إلاّ بالتجارب ومدى حتمية الفهم العلمي لتطور العلوم، مثل(السماح بإنشاء تطبيقات إعادة تكوين وعرض الحضارات القديمة وزيارتها، ورحلات داخل جسم الإنسان، وإلى كل أنحاء العالم، أو إلى كل العصور والأماكن والفضاء والأجواء والمناخ، وبناء بيئات افتراضية للتعليم في جميع المجالات، ومعايشة واختبار بيئات طبيعية، يصعب الوصول إليها، مثل الزلازل والبراكين، والتفجيرات النووية وعالم الجزيئات)(بسيوني، 2015، ص07)، ما لبثت أن تم استغلالها في الهندسة المعمارية، أين قام المهندسون بإعداد نماذج افتراضية للبناءات والسماح للزبون الانتقال بين مختلف الغرف والممرات وسهولة تغييرات التصميمات ومناقشتها في ظروف قياسية، (فبمجرد الضغط على زر، سيتمكن العملاء من التحول إلى التجوال في داخل النموذج الافتراضي، ويصبحون بالكامل في واقع افتراضي، بالغمر داخل مسرح بحجم الحياة الحقيقية، وهم قادرون على التحرك بسهولة، عن طريق المدخل الرئيسي؛ لمعاينة المَبنى من وجهة نظر جديدة، كما لو كانوا يعيشون في داخله)(بسيوني، 2015، ص26)، قبل البدء في تنفيذه أو إنجازه، كاختبار نظام الإضاءة وتجربة شكل أوضاع الأثاث والديكور، وهو ما يمكن أن يطلق عليه اصطلاح التصميم الداخلي الافتراضي.

شكل 6 : يوضح الواقع الافتراضي وكيف يعطي للجمهور تجربة معايشة قصة الفيلم بأكثر إثارة وكأنه هو البطل نفسه في الفيلم

شكل 6 : يوضح الواقع الافتراضي وكيف يعطي للجمهور تجربة معايشة قصة الفيلم بأكثر إثارة وكأنه هو البطل نفسه في الفيلم

تتيح لنا التقنية الافتراضية إحساس الواقعية للأشياء التي لا يمكن الوصول إليها من خلال عالمنا الحقيقي، و(تشمل التطبيقات المفيدة في الواقع الافتراضي، التدريب في مختلف المجالات العسكرية والطبية والتعليمية، وتشغيل المعدات، والألعاب الرياضية...، والتعليم، والتصميم والتقييم النموذج الافتراضي الأولى، والهندسة المعمارية، العوامل البشرية والدراسات الإنسانية، ومحاكاة التجمع والمتواليات، ومهام الصيانة، وتقديم المساعدة للمعوقين، ودراسة ومعالجة أنواع الرهاب مثل الخوف من الارتفاع والطيران، والترفيه، والكثير، من العوالم الافتراضية التي قد تكون متحركة، وتفاعلية، ويمكن تقاسمها أو المشاركة فيها، ويمكن أن تتعرض للسلوك والأداء الوظيفي)(بسيوني، 2015، ص 27).

ساعد العالم الافتراضي من فرصة تحديث المجتمعات العربية ثقافيا وفنيا، لدرجة تشكيل ديمقراطية فنية افتراضية، تسمح لكل الفنانين بالتعبير عن أثرهم وإنتاجاتهم الفنية مهما كانت خاصة وغريبة دون التعرض لأي رقابة أو قمع، وفي نفس الوقت قبول مصطلحات الآخر في مجال الفن، والاستفادة القصوى من خبرات الدول المتقدمة في هاته المجالات، سواء في الظروف العادية أو في مرحلة انتشار الحروب والحضر والحصار الدولي المفروض على الدول، أو الفنانين الذين انقطعوا عن المجال الفني لأسباب سياسية وتعرضوا للاعتقالات والإقامات الجبرية، جراء جرأتهم وتعليقاتهم الساخرة وانتقادهم لسياسة حكوماتهم بفضل إعلاء ثقافات أخرى، بل أصبح يشغل المجال الشفاف بين الفعل السياسي وورد الفعل الجماهيري، وقياس مدى صلاحية أو فاعلية أي فكرة ومقولة مرئية، (ففي العمومية الافتراضية سمحت للكل بالتعبير عن آرائهم الصّادمة والحادّة، وشكلوا ديمقراطية افتراضية، تعكس ما تنبأ به القرن 21 في بدايته، عن حالة وطرق التفاعل المجتمع الإنساني...، ومن نتائج توسيع هذه الرقعة هي القدرة وسماع كل الأطراف، الرأي والرأي الآخر، فالمتهمون جنائيا ومدنيا الذين لا تتاح لهم الفرصة في الإعلام التقليدي، يجدون فرصة في الإعلام الجديد لشرح موقفهم ومناقشة مفهوم العدالة، ليس فقط من منظور الدولة، لكن من منظورهم أيضاً)(كولمان و روس، 2012، الصفحات 157-158-162).

كذلك يضاف تلك الأسباب الصحية مثل الإعاقات الجسمية والانفعالية، كالذي عرفته مؤخرا البشرية بانتشار الأوبئة، في ظل جائحة مرض كورونا 19، فكان طبيعيا أن تتسبب نظم التواصل مع جمهورهم فجوة كبيرة بين الطموح في الوصول إلى العالمية وقدرة أعمالهم على إحداث التغيير، دون الحاجة إلى التنقل بالطرق التقليدية التي لا تتناسب مع ميزانية كل مبدع في مجاله واختصاصه، وأيضا تكلفة الأدوات والخامات الباهظة، فيتحول هؤلاء العاملين في مواقع عملهم، على المستوى الفكري والإقناعي، إلى كائنات تحقق رغباتها في التدريب واكتساب الخبرة، ويعيشون عالما بعيدا عن الضغوطات وأكثر إثراء عن ذي قبل، وقد فسر هذا السياق الفيلسوف دانييل دانيت Daniel Dennet، بأن (اعتماد مفاهيم جديدة في التفكير حول الأشياء، تُمَكِن للمرء وعلى نحو مفاجئ، أن يطل على فضاءات جديدة بقصد الاستكشاف، وإن العمل تحت ضغط المحددات القاسية أمر في غاية الأهمية لإنجاز الاختراعات، فحتى الفن العظيم لعصر النهضة أنجز تحت ضغط متطلبات الأيقونات المسيحية، وما كان لفناني عصر النهضة أن ينجزوا فنا عظيما لو كانوا بوهيمين أحرارا بدلا من كونهم خدما مدللين للأساقفة والدوقات، وهذه المقايسة لفن عصر النهضة تفيد بأننا صرنا خدما مدلّلين للحاسوب)(نخبة من المفكرين والفلاسفة، 2017، ص114)، كما ليس ثمة مجال للشكّ بأن تعدّت وتيرة التفاعل الفني في العالم الافتراضي، تحت وطأة الحاجة للارتقاء بعمليات صارت مألوفة تماما لكل مهندس برمجيات، وأكثر قدرة على الأداء الوظيفي كالتي (تطلّع إليها الأثريون في مشروع الهرم الأكبر.. هرم خوفو : إذ يعرض هذا المشروع، نتائج تعاون الدراسات التجريبية بين كل من معهد الدراسات الشرقية جامعة شيكاغو The Oriental Institute، University of Chicago وبحوث مصر القديمة Ancient Egypt Research، وخدمات الرسوم الأثرية؛ Archaeological Graphic Services، Associates، لاستكشاف فائدة لغة نمذجة الواقع الافتراضي VRML، على شبكة ويب العالمية؛ لوضع نماذج من الآثار القديمة على هضبة الجيزة في مصر) (بسيوني، 2015، ص90).

كان ولا زال التشكيل البصري التقليدي يشير إلى أنماط معروفة مسبقا، وهذا النوع من الأشكال التحكمية التي يفرض فيها الشكل المسبوق، يُعدُ نوعا من التسلط على المضمون الذي يريد أن يتشكل، لذلك كان السبيل الأوحد والمنفذ من قمع الأشكال المسبقة وقبضة القوالب الجامدة، مجيء الفن التفاعلي النابع من التكنولوجيا، كبديل وملاذ للخروج عن المألوف، فأصبح الفنان والمصمم يستثمر كل التقنيات من خلال الشاشة الزرقاء، ويتبارون مع أقرانهم، ليخرج كل واحد إمكانية الرد والتفاعل المباشر مع الأحداث في أبهى صورة جمالية، بشكل أكثر إبداعاً وأكثر تفردا، فمع(تطور شبكة الإنترنت، التي رافقها تطور في البرامج والأجهزة التقنية، ساهمت بدورها في تسريع هذا التطور، ولم تعد الشبكة، تستخدم لتلقي البيانات والمعلومات فقط، إنما أصبحت بيئة تفاعلية، تُعقد فيها الصفقات وتباع عبرها الأجهزة، وتبادل الصور، وكذا التعرف على أناس من مختلف أنحاء العالم، مما دفع المصممين والتقنيين، لتطوير أساليب تفاعلية، تتلاءم مع طموح المستخدم ومع التطورات المستمرة)(Dan, 2010, p2-3)..

شكل 7 : فكرة الطاولة التفاعلية في المطاعم، والتي يمكن من خلالها اختيار الوجبات والمشروبات المطلوبة وحتى مشاهدة طريقة إعداد الطبق، إلى جانب الاستخدامات في مجال التثقيف والفن.

شكل 7 : فكرة الطاولة التفاعلية في المطاعم، والتي يمكن من خلالها اختيار الوجبات والمشروبات المطلوبة وحتى مشاهدة طريقة إعداد الطبق، إلى جانب الاستخدامات في مجال التثقيف والفن.

قدمت التكنولوجيا ووسائط الميديا الحديثة التي تستخدم في الفنون التفاعلية، قوة الدراما لدفع فكرة الاقتناء والاستهلاك وتوظيف الإبداع بالحاسوب باعتباره خامة ووسيط يحث المتلقي على التفاعل، وهذا ما يجعل التحول الأسلوبي والتعبير الدرامي الرقمي حاضر في أي إنتاج إستطيقي رقمي، سواء أكان عمل فني بصري أو قولي(فيلم، إشهار، أدب التغريدة، موسيقى إلكترونية...الخ)، يرتبط بشكل كبير بتحولات السطح البصري والسمعي، بهدف بلوغ آفاق مستحدثة في الفعل الجمالي المعاصر، مثل الأرضيات والأسقف والحَوَائِط والسلالم والأبواب التفاعلية، التي تحقق التفاعل المباشر بين المستخدم والفراغ، باستخدام تكنولوجيا المعلومات، كالضوء وصوت وحركة المارة...، لخلق تغييرات في الوقت الحالي، فتتحول تلك الأماكن من الناحية العلمية لفتح خارطة طريق لمستقبل تعليمي مستدام من الناحية العلمية، ومن الناحية الجمالية تجربة ممتعة تدخل البهجة والسرور والاندهاش نتيجة تفاعل السطوح مع احتياجاتنا البصرية والشفهية، مثل الرقص، الإثارة، النيران، المياه المتلألئة، الأسماك العائمة والحيوانات الطائرة، النجوم والكواكب السحرية، باقات الزهور، التفاعل والاستجابة للأوامر بمجرد سماع أصوات الإنسان، والمزيد.

يحمل التصميم بمضمون الخطة التعبيرية أبعادا جمالية ووظيفية لا حدود لها، وقد يبدو في عصرنا، اتجاه المتلقي بسليقته، نحو الرغبة في اقتناء أشياء جميلة المرتبطة بعالم المرئيات، وهذه الدوافع الغير ملموسة تبدو واضحة أثناء ترك إحساسات وحيل بصرية في عين الناظر، من أشكال هندسية وزخرفية وقيمة لونية وضوئية، ومستويات تأثير بصري، بخاصة الأنماط التفاعلية الرقمية، لما تتركه من أثر على سلوك ومشاعر الجمهور، مثل الصورة المبينة لتصميم الأريكة التفاعلية للمصمم دانيال سوبيك Danielle Sobik، التي تنطلق من فكرة جذب الزوجين لبعضهما البعض، فإن كانا يجلسان متباعدين، فسوف تظهر النقوش الزهرية باللون الأزرق، وكلما اقتربا من بعضهما البعض تحولت الإضاءة شيئا فشيئا إلى اللون الوردي، وهو الخطاب المرئي المعاصر، الذي يعتبر النموذج الأمثل في دمج النص الحميمي وتأثيره النفسي المعبّر عنه بردة الفعل، ومع أن النزعة باتجاه خلق بيئة جميلة وحميمية بين الشريكين هي قديمة قدم الحضارات نفسها، إلاّ أن مجال تصميمها الداخلي عبر الأثاث، حديث نسبي في منظومة الملتيميديا المتكاملة، باعتبار أن تطوير المهارات الفنية والمرئية، أصبح أمرا مطلوبا في مجال التصميم والتسويق، لذلك من البديهي أن(تعتمد التفاعلية على عامل السرعة في احتساب معدل إدماج تصرفات وإجراءات المستخدم بنموذج الحاسوب، ومن ثم ينعكس في شكل يستطيع المستخدم تصوره، والعامل الثاني إلى المدى، أي إلى كمّ النتائج المحتملة التي يمكن أن تنشأ عن أية إجراءات خاصة من أي تصرف للمستخدم، بينما تعتمد على العامل الثالث وهو المخطط، بمعنى قدرة النظام على إنتاج النتائج الطبيعية في الاستجابة لتصرفات المستخدم)(بسيوني، 2015، ص 23).

شكل 8 : الأريكة التفاعلية للمصمم دانيال سوبيك Danielle Sobik

شكل 8 : الأريكة التفاعلية للمصمم دانيال سوبيك Danielle Sobik

شكل 9 

شكل 9 

عمل فني بتقنية الواقع الافتراضي، الذي يعطي لائحة عرض Play List عبر الفيديو، وهي التقنية التي تم استثمارها في العرض السينمائي الافتراضي

3. السبرنطيقا وعلاقتها بالفن

زود التطور التكنولوجي الفنانين بالوسائط المادية لأجل تحسين جمالية الأداء، وقادت ديمومة تطوره وطرحه بصورة فكرية وجمالية منذ ظهور الأصباغ وآلات سكان الكهوف، التي شكّلت هي الأخرى، بطريقة أو أخرى جزء من التكنولوجيا البدائية آنذاك، وصولا إلى عصرنا الحالي، فقد (تنبأ بعض الفنانين في كثير من المرات عن أحداث معينة قبل أن يشهدها العالم وقبل أن تصبح حقائق ملموسة، إن لم يكن الفنان التشكيلي قد سبق الحضارة وتفوق عليها من خلال التعبير عن تصرفاته المستقبلية، ولِما ستكون عليه بعض مظاهر الحياة، فهو يسعى دائما لأن يتخطّى بفنه إطار الإقليمية المحدود إلى محيط العالمية الواسع، ليصبح الفن لغة عالمية تخاطب الناس جميعًا مهما تباينت أوطانهم أو اختلفت أجناسهم)(أباظة، ب.ت، ص3)، وعلى اعتبار أن الأدوات والبرامج المستخدمة لتشغيل الوسائط المتعددة، تطورت هي الأخرى بمزايا من حيث التقنية والمهارة لتمكين الفنان التعبير بسهولة، مثلما يظهر ذلك في صور للفنان بيكاسو عام 1949، واستخدامه لتقنية القلم الضوئي• (Light painting, or light drawing)، بدا واضحا مدى تأثير الفكر التكنولوجي المتقدم على الفن وتحرير الفنان من الأساليب التقليدية وقيود التصميم الكلاسيكي التقليدي، فأصبح من المهم دراسة تأثير الفكر التكنولوجي بدءا بتحقيق القيم الفنية المرجوة وصولا إلى اقصى درجات الإبداع، فقد (توصل عدد من الفنانين بتأثير الاكتشافات العلمية والإفادة منها إلى تجسيد الحركة في أجسام ثلاثية الأبعاد، هذه الأعمال الاختبارية الأولى هي التي سبقت السبرانية ومهّدت لها، مع المستقبلية والباوهاوس والبنائية الروسية وغيرهم)(أمهز، 1996، ص369)، وإنه من الخطأ ربط التكنولوجيا بالأجهزة فقط مع إغفال عملية التطبيق، حيث استطاعت البرمجيات والعلوم أن تهزّ مرجعيات الخيال الفني وتقدم إمكانيات وتقنيات عالية انطلاقا من التصميم وانتهاءً بالتنفيذ، (فموضوعات العلوم العصبية وعلوم الحاسوب والبيولوجية التطورية، قد نالت هي الأخرى حصة كبيرة أيضا بخاصة من حيث قدرتها التفسيرية الهائلة، والدور المتعاظم لها في شحذ الخيال البشري والتحديدات التي تفرضها على الفكر البشري)(نخبة من المفكرين والفلاسفة، 2017، ص116).

شكل 10 : نماذج فنية للفنان بيكاسو المعروفة باسم « رسومات بيكاسو الضوئية

شكل 10 : نماذج فنية للفنان بيكاسو المعروفة باسم « رسومات بيكاسو الضوئية

تتضح معالم العالم الافتراضي في الفن إلى ضمّ كلاً من التصميم ودعم الأبعاد الاتصالية للرسالة المرئية إلى جانب القيم المعنوية لكل وحدة من الوحدات الإلكترونية، والتي تسعى من جهة إلى جمال الشكل بإمتاع جميع الحواس (Multisensory)، ووظيفة الأداء في نفس الوقت، وهو ما يعرف بالإخراج الإلكتروني، تلك العملية الحاسوبية التي يتم فيها بناء الوحدات البنائية باستخدام العناصر التشكيلية المختلفة(فراغ، حجم... )، بمدخلات من أجهزة مسح الليزر والضوئي وبرامج حاسوبية وقواعد بيانات وأشكال وحروف بيانية، بل إن بعض إسهامات المبدعين الذين خاضوا هاته التجربة، استطاعوا أن يقوموا بنقل اللوحة من عالمها المادي ودمجها في الواقع المعزز، وذلك برسم اللوحة التي تستند لوسائل ونظارات الواقع الافتراضي(Stereographic devices)، وغيرها من تقنيات واختراعات الشركات العالمية، فصارت محورا جديدا للعالم الوهمي، يلهث الناس وراء اقتنائها، في محاولة الإمساك بمضمون الشحنة الانفعالية التي لا تتشبع إبداعيا إلا في مساحات الافتراضي.

ومعنى هذا أنّ الفعل التعبيريّ بطبيعته، فعل قابل للنموّ، فهو يستدعي ضربًا من ضروب التطوّر كما جاء على لسان مارلو لوبونتي Merleau-Ponty، وجسّدته الفنانة الصربية التشكيلية مارينا ابراموفيتش Marina Abramović، بوصفها فنانة أداء Performance Artist وفنانة فيديو، من خوض هذه التجربة في عملها الفني حول أزمة المناخ بعنوان ’ ارتفاع (Rising) 2017’، لتكسر الحدود الفنّيّة، بفكرة إبداعية غير مألوفة،(إذ يأتي المشاهد وجهه لوجه الفنّانة في فضاء لوحة فنية تجمع بين التشكيل والفيديو والموسيقى وسائر المؤثرات البصرية في الواقع الافتراضيّ، تدعوه نحو خزّان الزجاج الذي تقع فيه، والذي يُملأ ببطء بالماء، وبهدف تحقيق التفاعل وخلق تجاوب بين المشاهد والفنان، فإنّ مستوى المياه في الخزّان سينخفض، فإذا ما لم يقم المشاهد بمساعدتها ولم يتم يتفاعل جمهورها مع صرخاتها ونداءاتها، فإنّها ستغرق داخل العرض الفني الذي يحمل الخزّان)(Abramović & Koons. 2020).

وترتب عندئذ بوصف هذه المرحلة لما بعد الحداثة، أننا نحيا بذاك الجزء المستضاف للأنا الرقمية، ونعيش نهضة خاصة بالفن المعاصر، » بمجيء واقع افتراضي نتج عنه شكل جديد من الذات الافتراضية (البديل)، الذي يشبه مرآة للذات الواقعية، إنها الذات المَـافَـوْق حداثية، التي تجمع بين أنا واعية ولا شعور وذات رقمية، لقد استوعبت الافتراضي ضمن أنماط سلوكها، ومن أجل استعادة ذاتها التي اهتزّت، عليها أن تستوعب الذات الرقمية ضمن وظيفة الذات(غودار، 2019، ص188)، بمعنى علينا أن نستوعب التحول ونحتضن ما تم اكتسابه، ونعترف بفقدان أشياء ذات خصوصية (الأصالة)، وتدعونا الضرورة إلى إعادة التفكير في هذا العالم الافتراضي(المعاصرة)، وهي علامة على(أنها تعبير عن ثقافة الابتكار والتغيير، فلم يعد الموضوع الجمالي للعمل الفني سواء من صورة الطبيعة أو الإنسان أو الجماد، وإنما أصبح موضوع العمل الفني كائناً في العلاقات الداخلية للوسيط، الجمالي المستخدم، فهو يتمثل في العلاقة بين الألفاظ والصور والأخيلة المستخدمة)(خطيب وبسطاويسي، ب.ت، ص75).

شكل 11 : الفنانة الصربية التشكيلية مارينا ابراموفيتش Marina Abramović، في عملها الفني حول أزمة المناخ بعنوان ’ ارتفاع (Rising) 2017’

شكل 11 : الفنانة الصربية التشكيلية مارينا ابراموفيتش Marina Abramović، في عملها الفني حول أزمة المناخ بعنوان ’ ارتفاع (Rising) 2017’

أعطت التقنية الافتراضية الّتي أرست دعائمها في حضورها الجمالي والإبداعي للفنان مساحة واسعة من خلال تحديد البيئة الدرامية للموضوع، ثم تطورت مع العلوم الحديثة و ما هو متعلق منها بتقنية المعلومات والنمذجة Modeling والمحاكاة Simulation والإنسان الآلي Robot والذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence، فربطت بين الفنان وعمله زمانا ومكانا، ووفق هذا يمكن القول أن (فن الأداء السبراني، هو الذي يجمع بين أجناس الفنون التشكيلية والعلوم المختلفة، والذي يوظف فيه الفنان جسده الهجين المحكوم بنظام حرّ، يقاد بفعل أدائي واع ومقصود، ناتج عن التفاعل بينه وبين الآلة وأنظمة التحكم ووسائل الاتصال وإدخال رقائق إلكترونية أو حيوية، لخرق وظائف الجسد الطبيعية بغية تغييرها أو زيادة قدراتها، لصالح فعل الأداء في العرض البصري الكوني بتوظيف الشبكة الرقمية)(عايد يوسف، 2016، ص558).

يضطر الفنان أحيانا الخروج عن طوق اللوحة، لدرجة أنه أصبح مضطّرًا إلى التعامل مع هموم النظام العالمي التكنولوجي الجديد، والاقتناع بالعولمة كمصير إنساني لا مفرّ منه، ولا غرابة أن يتحول استعمال الجسد، مع مجموعة من الفنانين، من المسند التشكيلي إلى فن الأداء السبراني، أمثال Wim Delvoye,،Eduardo Kac،Stelarc، في تجربة فنية فن الأداء السبراني ومع الموت والحياة، والتهجين في الفنّ، لتغذية الخيال الفني ومعرفة حدود التفاعل بين الجسد والتكنولوجيا الحيوية، والبحث عن رؤية جديدة للفن الافتراضي، عبر إدخال أجسام وأعضاء في أجسادهم وربطها بآلات وأطراف اصطناعية.

عمل Stelarc في ’الرجل الإلكتروني cyborg’، وعمل ’الأذن الثالثة كما هو في الصورة’. الشكل 12.

عمل Stelarc في ’الرجل الإلكتروني cyborg’، وعمل ’الأذن الثالثة كما هو في الصورة’. الشكل 12.

4. خلفيات العالم الافتراضي

أصبح المصطلح الافتراضي يتردّد في كل الخطابات المعاصرة تقريبًا، بخاصة أبجديات الخطاب الإستطيقي الحداثوي، مخلفًا شّذرات ينسج منها الخطاب على منواله مهما كان موضوع البحث، بينما لا يتردد النقاد والمصممين والمخترعين في هذا المجال، إدراكهم بأن الخلفية وراء أبحاثهم، لا تنطلق من مجرد كونهم تقنيين ينتجون سِلَعًا مشتركة، تحت مسميات توليف ما لا يقبل التوفيق، وإنما أيضا يتطلعون إلى المزيد من الاستثمار الإيجابي للمنتج الافتراضي، في المجال التعليمي، بتشجيع التجريب وتنويع أشكال ومحتوى الاستعمالات، لتلج بذلك تكنولوجيا الواقع الافتراضي مؤسسات التنشئة، متخذة عدّة مسميات كالواقع الافتراضي، أو الاصطناعي، Artificial Reality، والسيبرنطقيا Cyber space، والواقع التوليفي Synthetic، لتجذب اهتمام الباحثين من مختلف المجالات والاتجاهات، وأصبحت شائعة في ميادين التعليم والتربية، لبناء المعرفة، وهو تحدي الإضافة الثورية لمنظومة التعليم والتدريب المطروح أمام الدول العربية والإسلامية، التي مازال أغلبها يعتمد على نظم التعليم التقليدية، تحدي لا يتحقق إلا برفع وتيرة الاستثمار الأمثل في العملية التعليمية الافتراضية بجميع مكوناتها، دون أن يكون ذلك على حساب نوعية التعليم الواقعي أو تكلفته الفعلية، لا سيما (في ظلّ التحول الرقمي الكبير الذي ظهر نتيجة انتشار جائحة كورونا Covid -19 مع بداية عام 2020 م، الذي أثّر بشكل مباشر على تحويل التعليم في العالم من تعليم تقليدي عبر الحضور والانتظام في القاعات الدراسية، إلى صفوف افتراضية إلكترونية، ويعرف بأنه نظام تعليمي تفاعلي يقدم المادة العلمية للطلبة على وجه الخصوص باستعمال التقنيات الحديثة عبر التواصل معهم في نقل المعلومات)(النوري، 2020، صفحة 07).

رغم المزايا المحمودة والغرائبية المذكورة في الدراسة، إلا أنه من نافلة القول الإشارة إلى أن امتلاك مفاتيح المملكة الافتراضية، تستدعي المسائلة العلمية عن مآل الواقع الحقيقي الذي كان موضوع لهاجس التكنولوجيا (فنحن نتقبل صور لحوادث من الحياة باعتبارها حقيقة، لكن الصعوبة تتزايد في التفريق من ناحية بين الوجود الحقيقي عن بعد، أو التسجيلات الخام، ومن ناحية أخرى بين الواقع الافتراضي المخترع. إننا نعرف عندما نشاهد الفيلم الروائي الصريح ولكن عندما نشاهد شيئًا يزعم أنه لا روائي، فليس لدينا دليل على دقة مستوى المشابهة مع الواقع في أي مشهد، وكلما زاد تعرضنا لهذه الأنواع المخترعة، قَـَـلَــت قَدرتنا على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي)(موناكو، 2015، ص 552)، وبهذا التوصيف، نحن بحاجة إلى نظام يكشف مستوى المشابهة بين مشاهد حياتنا الحقيقية والمزيفة، أن نكون على استعداد تام للتفريق بين طبيب جراح حقيقي وهو يجري بعض العمليات الجراحية على الهواء مباشرة، وبين من يفتقد لأبجديات الطب، ساحبًا بخفة بِساط قُدسية الحقيقة أمام المشاهد في العالم الافتراضي، وبهذه التفرقة الجوهرية نتمكن من رفع الستار عن التلاعب بالصدق التاريخي واختلاس الحاضر، الذي يتلامس بطريقة أو أخرى مع الاحتيال، وهي أبرز الانتقادات التي وُجهت إلى أثر فاعلية العالم الافتراضي، (فمن منظور عام، إنه إجراء تزييف للواقع، بل أكثر من ذلك إننا أمام منهج الخديعة والحيل، كالإعلانات والإشهار أين تستوطن الخديعة العميقة الافتراضية للخدع، إذ تتعلق الصورة الافتراضية بنوع من سجلين أيقونتين مألوفين ذلك الخاص بما هو تصويري (الرسم والطلاء)، والخاص بالأفلام( التصوير والفيلم)، أي التحقق بما هو أيقوني اصطناعي والإنتاج الموضوعي)(ريجو، 2009، الصفحات 139-140).

نتيجة ذوبان عوائق عملية الاتصال النمطي التقليدي بما فيها الجانب الثقافي لأفراد المجتمع، وبسبب أنه هناك أوجه كثيرة تحدد هويتنا وتختاره ثقافاتنا المختلفة، تتعاطى مجتمعاتنا المختلفة مع المتغيرات والتوجهات، كالتي يمكن اعتبارها بمثابة مسلمات في المجتمعات الغربية والتي لا تعتبر كذلك في المجتمعات الشرقية، حين يغيب عنها الالتزام الأخلاقي، (فمن المحتمل من الآن فصاعدًا ممارسة الحبّ عن بعد وذلك بطريقة واقعية، إذا اعتبرنا أن المشاركة الحركية للشريكين مرتبطة بلاقطات حسية وقفازات لمسية، ويرى أحدهما الآخر من خلال صور افتراضية، كما أن استهلاك الجنس أو حديث شهواني بات من خوذة بصرية، وانطلاقًا من صور لحركاتهما وإشاراتهما الشهوانية، أما القول ’أعانقك’ لإنهاء حديث تلفوني، فقد باتت تُظهِرُه كل الرغبات الأخرى، التي تنتمي بقدر ما إلى المجال الافتراضي)(ريجو، 2009، ص 142).

وهو ما يستدعي التساؤل عما إذا كانت هذه التجربة التاريخية اليوم، تسمح للفنان بخوض تجارب جديدة كرسم وتصوير الجسم العاري، ورسمه في الفضاءات الفنية، وتمثيل أفلام خليعة افتراضية لشخصيات حقيقية بريئة من هذا التزييف والاحتيال، ونعتبرها ضمن إطار المنظور الإبداعي وحرية تعبير، أم أنّ المشكلة مشكلتنا وموجودة بداخلنا وليس في العوالم، أم أنه خط أحمر لا علاقة له بتطور التجربة الافتراضية وبمسألة النهوض التكنولوجي والارتقاء الفكري والثقافي للفنان العربي المحافظ والفنان المسلم الملتزم؟، وهو سبب من أسباب (الصراع بين أهداف الفنان وحدود إمكانيات التكنولوجية المتاحة، فعندما أعطت الثورة الرقمية نظام تشفير مشتركا لكل الوسائط، فإن التوتر بين الرغبة والقدرة، تخضع لنوع جديد من الجدل : بين الأخلاقيات والجماليات، فبشكل ما، فإنّ كل الفنانين كانوا مُراهقين خّاضعين للتقنيات الأبوية، وعليهم الآن أن يتحمّلوا المسؤولية الأخلاقية لأنهم أصبحوا بالغين)(موناكو، 2015، الصفحات 547 و548).

باعتبار الواقع الافتراضي سلعة استهلاكية، يسعى إلى استغلال الإدراك بتعدد الحواس، وأصبح منتشرًا فتح مواضيع الإجرام الطفولي والألعاب الأكثر عنفًا، أو مسألة الاغتصاب خاصة على القاصرات، والاستفزاز والتحرش الجنسي في الفضاء الافتراضي Cyber- Sexual harassment، لدى المجتمعات الشرقية المحافظة، (حيث أدت التغيرات العالمية المتسارعة، التي جاءت بها الثورة العلمية التكنولوجية، إلى عدم مقدرة الشباب على التمييز الواضح بين ما هو صواب وما هو خطأ، وبالتالي أضعفت قدرتهم على الانتقاء والاختيار من بين القيم المتصارعة الموجودة، وعجزهم عن تطبيق ما يؤمنون به. كان لها أثر كبير في دفع، أزمة قيمية)(الكيلاني، 2018، ص 134)، وبسبب التزايد المستمر لتطور وسائل التكنولوجيا، التي أتاحت لوسائل الإعلام، صناعة الإباحية الجنسية الافتراضية، Pornography Industry، ولم تستطع الحكومات العربية، فرض رقابة عليها لا في الوقت الحالي، ولا هي وضعت تصورات وقائية للحدّ من تنشئة إعلامية تنّضح بكذا مجالات، فـ (المجتمعات الافتراضية تتسم بدرجة عالية من اللامركزية وتنتهى بالتدريج إلى تفكيك مفهوم الهويّة التقليدي، بل يتجاوزها إلى الهويّة الشخصية، لأنَّ من يرتادونها في أحيان كثيرة، يتم بأسماء مستعارة ووجوه ليست وجوههم، وبعضهم له أكثر من حساب، كما تكشف معظم الدراسات التي تناولت الانتهاك الجنسي للمرأة، إلى مشاهدة الرجال للفن الجنسي الإباحي أو قراءة الأدب المكشوف، فالفن الإباحي سواء كان مادة مكتوبة أو مصورة، كان عاملا مشجعًا على ارتكاب السلوك الجنسي العنيف)(الكيلاني، 2018، ص 171).

يطرح هذا العالم قضية أخرى وهي الصورة المضلّلة للذاتي والاجتماعي، ملبيًا حاجات هامشية تعيد قولبة الوعي البشري، بإخراجه من معايير القيم التقليدية إلى قيم شاذّة، وأمراض نفسية كالانغلاق على الذات والشعور بالاغتراب، ناهيك عن طرق الحكم والذوق الجمالي المعقد للفنون، (فالعنصر التفاعلي للواقع الافتراضي يطرح مشكلة أخلاقية، فعندما يصبح المتفرج مستخدما مشتركا في عملية اتخاذ القرارات الفنية، فإنه يمكن إبطال مسؤولية المؤلف، والثراء الخاص لبيئة الوسائط المتعددة للواقع الافتراضي، يمكن أن يكون مضللاً، وكلما حاولنا زيادة نسخ الواقع فإننا نخلق حرية أكبر للمستخدم ليتلاعب بالبيئة والتحكم فيها، وكلما اقتربنا من النسخ الكامل للواقع، فقدنا أكثر ذلك الجدل بين الفن وموضوعه)(موناكو، 2015، ص 557)، وبمقدار ما يجمع ويستعرض ما يمكن أن نطلق عليه آليات التطور، بقدر ما يعرف ويقاس بؤس المعرفة في عصر الآلة من عزل وعجز، ليتحول الإنسان إلى عبودية جديدة، (فحينما حلت الآلة محل العمل الذهني بظهور الأجهزة الحاسبة الآلية ومع ظهور علم السبرنطيقا، وقف الإنسان موقف المدافع عن قدراته الفكرية أمام شيء صنعه هو بنفسه، حتى بات يشعر بأن إنسانيته قد أهدرت في ظلّ عصر الصناعة، وشعورٌ بالتمزق والضياع، وبأنه مجرد ترس في آلة ضخمة وبأنه جزء ضئيل من كُـلٍ أكبـر لا يفهمه ولا يعرف النتيجة الكاملة لعمله)(البشتاوي، 2014، ص 65).

بسبب أن فروع المعرفة تؤثر في المدركات الشعورية والتصورات الخاصة بالفرد كلما استوعب خبرات وأفكار جديدة، وباعتبار قيام التكنولوجيا على افتراضات لامحدودة ولا معقولة، فإنها تُقدِمُ أحدهم على نحو متقدم والآخر على صورة المتخلف، وهذا يعني مزيدا من الاستثمار في الفجوة الثقافية الافتراضية، (فهذا الكون ذو المداخل المتعدّدة يعطي تعايشا لاتجاهين كبيرين متناقضين بشكل مسبق : فمن ناحية خيال تقني علمي مبتكر ومتنوع لكنه في نفس الوقت يشكل في مجمله تقليدا خياليا وسينمائيا للخيال العلمي، ومن جانب آخر تشـبـيح3، من النوع السري والباطن للبدائي والحديث)(ريجو، 2009، ص 16)، إضافة إلى غياب النقاشات الحية التي تزيد من مهارات الإقناع ومنح الثقة في شخصية المتعلم، وهو ما يؤكده جبرييل مارسيل ( أن المجتمع التكنولوجي قوة ماحقة تقمع الشخصية، فكثيرا ما يتحدث الفلاسفة عن الإنسان الضائع لأن ما يروعهم في الموجود البشري، هو أنه يشكل العالم ويغير من صور الطبيعة بتدخله في شؤونها، ويطبع الكون كله بطابع الصيرورة المميزة له، ويخلق أنواعا جديدة غير متوقعة، ويبدع في صميم الطبيعة صورا مبتكرة لم نكن نحلم بها)(البشتاوي، 2014، ص 73).

رغم ذلك وجب الابتعاد عن التحليل الظرفي واعتماد التحليل التاريخي للتمكن من فهم الدور الحقيقي لظهور السبرنطيقا والعالم الافتراضي مع التكنولوجية الحديثة، مع من كان لهم الفضل في إسهامات واضحة المعالم لخدمة البشرية، مثل ’أندريه أمبير’، ’نوربرت فينر’، و ’إيفان سيزر لاند’ و’توماس فيروناس’ وغيرهم من العلماء، فمجموع تراكمات التطور التكنولوجي التي تحققها المجتمعات، ومهما كانت سلبية إلا أن مسؤولية أداء الآلة تقع على طبيعة استخدام الإنسان لها، فهي المحرك الأساسي للتغيير الثقافي والاجتماعي والسياسي، وهي أيضا تناقضات المجتمع نفسه، كما أن تحول طبيعة الممارسة الإيجابية وتوظيف التكنولوجيا من طرف الكائن البشري إلى مقاصد سلبية، لا يعني بالضرورة امتلاك هذا الانحراف والانزلاق، سلطته على عدم إمكانية ممارسة الإيجابيات المحمودة، بدل السلبيات المختارة، ذلك لأنه (نجد في مناحي حياتنا المختلفة نوعا من الآلية التي لا نستطيع الاستغناء عنها، وكلما كان شكل الحياة أسمى كانت هذه الحياة أكثر تعقيدا وتأكيدًا ومرونة، ويحتاج الإنسان الذي يحيا، إلى نوع من الآلية لمواجهة الحياة، فكلاهما ليستا متساويتين، فنحن نطلب أن تكون العادات عادات فنـانة مشحونة بالذكاء والتفكير، فيهما المهارة والآلية وفيهما المرونة والقدرة على التصرف(ديوي، 2015، ص06).

خاتمة

على ضوء ما تم استعراضه من أبرز المحطات التي انعكس فيها عالم الفن التفاعلي من خلال العالم الافتراضي وكذا السيبرنطيقا، يمكن استنتاج بصورة رئيسية بأنها علاقة حديثة النشأة، كما تم معالجة تجارب الفنانين والمصممين مدعمين البحث بأدلة وصور، قصد الوصول إلى العلاقة التي تربط الفنان بالمتلقي، ويتضح أن فن التفاعل يقوم على دراما رقمية معززة بتكنولوجيا حديثة.

إن تنمية الفن في تطور متزايد بسبب الثورة التكنولوجية وزيادة تطلعات الفنانين وطموحاتهم، وكعرب أو مسلمين لا بد من التنبه إلى تأثيراتها على المتلقي من المثقف نحو الأقل نخبوية والشاب والمراهق والطفل، لأنها توفر بخاصة للأطفال القاعدة المعرفية والانفتاح على الآخر بعيدًا عن الأب والأم والمعلم، (بمعنى المجهول)، فغياب الرقابة أو توعية المؤسسات التربوية والأولياء، للشباب المحظور من حب الاطلاع على الأقل إلى مواطن هذه الحضارات، وهذه التيارات المسيطرة على وسائل الإعلام والاتصال بمضامينها الفنية المختلفة (المتاجرة بالإنسان، الإرهاب، الإباحية،... )، قد يكون قادرا على التجاوب، تحت ستار الثقافة والتفكير الابتكاري والفن الإبداعي، وقد يكون أثره العكس تماما (مجرد متلقي للحدث ومستهلك)، وعندئذ تصبح القضية : قضية التفكير في كيفية توظيف هذه التكنولوجية في مجتمعاتنا، والتوفيق بين أن يصبح الإنسان بفضل التكنولوجيا سيد الطبيعة ومالكها، وبين أن يصبح عبداً لما يخلقه، ويتأكد بذلك أن الثورة التكنولوجية تنتج مصالح متضاربة واتجاهات متعارضة، هي كذلك أقرب إلى البؤس بدلا من الثروة والرخاء.

دون حكم مسبق على ما يقابلنا من هذه الناحية التشريحية، واختزال التجربة بالتوجس والخيفة وبالمبالغة والإفراط في تشديد المراقبة؛ فإن الحكمة تستدعي توظيف التكنولوجيا على نحو موضوعي سليم، والذي يخلق إمكانية كبيرة في تحاشي تدمير الذات، والتفاعل مع هذه الثورة الرقمية اللامحدودة، تأييدا ونقدا، معارضة وإبداعًا، إضافةً واشتباكاً متفاعلاً، وهنا يأتي دور التوافق بين هذه الطروحات والأخذ بما يتفق ثقافتنا وعاداتنا وعقائدنا، لأن المجتمعات النامية لم تزود بعد بما يقف كالأمصال الواقية في وجه المغالاة والمناداة على الحياة المعاصرة، فهي تبدو وكأنها مقّحمة أو مجّبرة على اعتماد تقنيات التكنولوجيا و/أو تملكها كشرط ضروري لوجودها وبقائها، لاسيما وأنها عجزت عن التزامن ومجاراة العصر والتطور، دون الوقوع في براثين العبثية والفردانية والمادية المحضة، التي تنطلق من مبدأ الاستهلاك فقط، وغنى عن القول أن أمر تحليل الرغبات والاحتياجات التي تتأثر وتستجيب للعالم الافتراضي، وارد بمفهومه المفيد المكمل للنموذج العام، فما يصنع الدولية هو تأكيد الاختلاف والتعدد والتنوع وليس التجانس والتشابه والذوبان في الآخر.

1 وهي الفكرة التي جاءت من المدرسة السلوكية الترابطية عند روبرت م، وجورج ف ستانسيو، (مزيد من التفاصيل يرجى مراجعة الأفكار الواردة في كتابهما العلم في

2 جهاز عرض، يرتديه الطيار على الرأس أو كجزء من خوذة التي لديها عرض بصري صغير أمامه، يمكن أن تعكس الصور المتوقعة ويسمح للمستخدم أن يرى من خلالها كما

3 تشبيح (Fantasmagorie): فن إظهار الأشباح في قاعة مظلمة بواسطة الخدع البصرية

أباظة، ع. (ب. ت) مردود التكنولوجيا الحديثة على الفن والفنان، مصر : كلية التربية الفنية، جامعة حلوان.

أمهز، م. (1996) التيارات الفنية المعاصرة، ط1 لبنان : شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت.

بسيوني، ع. (2015) تكنولوجيا وتطبيقات ومشروعات الواقع الافتراضي، ط1 مصر : دار النشر للجامعات، القاهرة.

البشتاوي، ي. (2014) أزمة الإنسان في الأدب المعاصر، ط1 الأردن : دار ومكتبة الكندي للنشر والتوزيع، عمان.

جيلبرت هيلين، تومكينز جوان. (1996).« الدراما ما بعد الكولونيالية : النظرية والممارسة »، ترجمة سامح فكري، مركز اللغات والترجمة-أكاديمية الفنون، مطابع المجلس الأعلى للآثار، مصر.

خطيب، ح، و، بسطاويسي، ر. (ب. ت) آفاق الإبداع ومرجعيته في عصر المعلوماتية، لبنان : دار الفكر المعاصر.

الخليفي، ط. (2008) فن الكتابة الإذاعية والتليفزيونية، مصر : دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية.

ديوي، ج. (2015) الطبيعة البشرية والسلوك الإنساني، ترجمة محمد لبيب النجيحى، القاهرة : المركز القومي للترجمة.

رندة بنت سالم المعطاني. (1434هـ) « التكنولوجيا الرقمية وتوظيف إمكانياتها في تصميم وتنفيذ الأعمال الفنية المجسمة »، رسالة ماجستير في التربية الفنية، قسم التربية الفنية، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية.

ريجو، ف. (2009) ما بعد الافتراضي : استكشاف اجتماعي للثقافة المعلوماتية، ترجمة عزت عامر، الطبعة الأولى مصر : المركز القومي للترجمة.

زيتون، ك. (2004) تكنولوجيا التعليم في عصر المعلومات والاتصالات، ط2 مصر : عالم الكتب، القاهرة.

سباعي السيد(2018).« الدراما الرقمية والعرض الرقمي : تجارب غربية وعربية »، الهيئة العربية للمسرح، الشارقة، دولة الإمارات.

ستيان، ج. ل. (1995) الدراما الحديثة بين النظرية والتطبيق، ترجمة محمد جمول، ط1 سوريا : منشورات وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية، دمشق.

سردار النوري، د. (2020) تجارب الجامعات العالمية مع التعليم الإلكتروني، مراجعة مراد حميد العبد الله، الطبعة الأولى مصر : منشورات سكولار لدراسة اللغة والأدب والنقد، أكتوبر.

شو، ر. (2001) أطروحات فنية عن الرقص والتكنولوجيا، ترجمة داليا محمد صبري، مجلة الفن المعاصر، مصر : أكاديمية الفنون، الهيئة العامة للكتاب، العدد الثالث، شتاء

شيباني، ع. (2014) سيميائية المحكي المترابطة : سرديات الهندسة الترابطية نحو نظرية للرواية الرقمية، الأردن : عالم الكتب الحديث، إربد.

عايد يوسف، ن. (2016) علم التحكم الإلكتروني{السبرنطيقا}، وأثره على فن الأداء في عصر بعد... ما بعد الحداثة، العراق : مجلة كلية التربية الأساسية، الجامعة المستنصرية، مجلد 22، العدد 95.

عبد اللطيف، ر. (2005) فنيات المونتاج الرقمي في الفيلم السينمائي، مجلة الفن المعاصر، مصر : أكاديمية الفنون، دراسات ومراجع السينما، دار الحريري للطباعة.

عروس، ب. (2010) التفاعل في الأجناس الأدبية : مشروع قراءة لنماذج من الأجناس النثرية القديمة، ط1 لبنان : مؤسسة الانتشار العربي.

عصفور، م. (2019) انعكاسات العلم على الفن من فيتاغورس إلى الثورة الرقمية : دراسة ظاهراتية، الأردن : مجلة دراسات، المجلد 46، العدد 01، ملحق 02.

عفت محمد هبة. (2019).« التسامح والدراما : نشر ثقافة التسامح بين الجمهور »، العربي للنشر والتوزيع، ط1، 2019، القاهرةّ، مصر

غودار، إ. (2019) أنا أوسيلفي إذن أنا موجود : تحولات الأنا في العصر الافتراضي، ترجمة سعيد بنكَراد، ط1 المغرب : المركز الثقافي للكتاب، الدار البيضاء.

فرانك كيلش(2000)."ثورة الأنفوميديا : الوسائط المعلوماتية وكيف تغير عالمنا وحياتك؟، ترجمة حسام الدين زكريا، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت.

كنعان، ع. (2015) الإعلام التفاعلي، الطبعة الأولى الأردن : دار أمجد للنشر والتوزيع، المملكة الأردنية الهاشمية.

كولف، ج. (2001) الرقص والكمبيوتر محاورة مع رابي شو، ترجمة هبة نبيل، مجلة الفن المعاصر، مصر : أكاديمية الفنون الهيئة العامة للكتاب، العدد الثالث، شتاء.

كولمان، س، و روس، ك. (2012) الإعلام والجمهور، ترجمة حسن عبد القادر، الطبعة العربية الأولى مصر : دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة.

الكيلاني، ر. (2018) التحرش الجنسي من الواقع الافتراضي إلى الفضاء الافتراضي، ط1 مصر : روابط للنشر والتوزيع.

ليالى عبادة، أ. (2018)، ترابطية التقنيات الرقمية واليدوية في تطوير الفكر الإبداعي لفن الرسم، مصر : مجلة الفنون التشكيلية والتربية الفنية، جامعة المنيا، المجلد الثاني، العدد الثاني يناير.

ليفي، ب. (2018) عالمنا الافتراضي ما هو؟ وما علاقته بالواقع؟، ترجمة رياض الكحال، ط1 مملكة البحرين : هيئة البحرين للثقافة والآثار، المنامة.

مرسي، م. (1994) البحث التربوي وكيف نفهمه، (طبعة مزيدة) مصر : عالم الكتب، القاهرة.

مريني، م. (2015) النص الرقمي وإبداعات النقل المعرفي، الإمارات : كتاب الرافد، دائرة الثقافة والإعلام -حكومة الشارقة، العدد 089، مارس.

المصطفى، ح. (2012) المجال العام الافتراضي في الثورة السورية، الخصائص الاتجاهات –آليات صنع الرأي العام، قطر : المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

معلا، ط. (2011) بؤس المعرفة في نقد الفنون البصرية العربية، سوريا : منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق.

موناكو، ج. (2015) كيف تقرأ فيلما : الأفلام والوسائط وما بعدها الفن، التكنولوجيا، واللغة، والتاريخ، والنظرية، ترجمة أحمد يوسف، الطبعة الأولى القاهرة : المركز القومي للترجمة، الجيزة.

نخبة من المفكرين والفلاسفة. (2017)، حوارات وأفكار، ترجمة وتقديم لطفية الدليمي، ط1 سوريا : دار المدى للإعلام والثقافة والفنون، دمشق.

نوفل، خ. (2010) إنتاج البرمجيات الواقع الافتراضي التعليمية، ط1 الأردن : دار المناهج للنشر والتوزيع، عمان.

يقطين، س. (2005) من النص إلى النص المترابط : مدخل إلى جماليات الإبداع التفاعلي، لبنان : المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت.

Saffer, D., (2010) Designing for Interaction: Creating Innovative Applications and Devices, Second Edition, New Riders, USA, chapter 1 , P.(2-3).

Text Anna Cafolla.(2017, 11th June ), Iron: Marina Abramović & Jeff Koons front new online VR gallery, Retrieved From virtual spatial systems: http://virtualspatialsystems.com/marina-abramovic-jeff-koons-front-new-online-vr-gallery/.

1 وهي الفكرة التي جاءت من المدرسة السلوكية الترابطية عند روبرت م، وجورج ف ستانسيو، (مزيد من التفاصيل يرجى مراجعة الأفكار الواردة في كتابهما العلم في منظور جديد.

2 جهاز عرض، يرتديه الطيار على الرأس أو كجزء من خوذة التي لديها عرض بصري صغير أمامه، يمكن أن تعكس الصور المتوقعة ويسمح للمستخدم أن يرى من خلالها كما يمتلك العديد من الاستخدامات بما في ذلك الألعاب والطيران والهندسة والطب أو سماعات الواقع الافتراضي.

3 تشبيح (Fantasmagorie): فن إظهار الأشباح في قاعة مظلمة بواسطة الخدع البصرية

شكل 1 : مبدأ الترابط والارتباط بين الإنسان والآلة

شكل 1 : مبدأ الترابط والارتباط بين الإنسان والآلة

شكل 2 : تطبيق فكرة التغذية العكسية أو المرتدة Feed Back بين الإنسان والآلة في العمل السينمائي Avatar، بداية من توزيع ال (Sensors) على جسم الشخص الحقيقي مرورا بالترجمة الرقمية لحركة الجسم وبناء الشخصية الرقمية، ثم الربط بينهما لتنفيذ نفس الحركات والأفعال.

شكل 4 : مهارات العمل الجماعي في الواقع الافتراضي، الذي يسمح للأطفال بالتفاعل والكشف عن أنفسهم، ويظهرون مواهبهم المخفية، إلى جانب القدرة على اتخاذ القرارات وقيادة الأصدقاء.

شكل 5 : على اليمين متجر افتراضي في مطار جاتويك Gatwick Airport من شركة Tesco، إذ يمكن للمستهلكين التسوق من خلال الشاشة دون الحاجة إلى الاتصال الفعلي مع المنتوج، وعلى اليسار تجربة الملابس الافتراضية ومدى وملاءمتها للمستهلك دون الحاجة إلى قياسها في الواقع الملموس

شكل 6 : يوضح الواقع الافتراضي وكيف يعطي للجمهور تجربة معايشة قصة الفيلم بأكثر إثارة وكأنه هو البطل نفسه في الفيلم

شكل 7 : فكرة الطاولة التفاعلية في المطاعم، والتي يمكن من خلالها اختيار الوجبات والمشروبات المطلوبة وحتى مشاهدة طريقة إعداد الطبق، إلى جانب الاستخدامات في مجال التثقيف والفن.

شكل 8 : الأريكة التفاعلية للمصمم دانيال سوبيك Danielle Sobik

شكل 8 : الأريكة التفاعلية للمصمم دانيال سوبيك Danielle Sobik

شكل 9 

شكل 9 

عمل فني بتقنية الواقع الافتراضي، الذي يعطي لائحة عرض Play List عبر الفيديو، وهي التقنية التي تم استثمارها في العرض السينمائي الافتراضي

شكل 10 : نماذج فنية للفنان بيكاسو المعروفة باسم « رسومات بيكاسو الضوئية

شكل 10 : نماذج فنية للفنان بيكاسو المعروفة باسم « رسومات بيكاسو الضوئية

شكل 11 : الفنانة الصربية التشكيلية مارينا ابراموفيتش Marina Abramović، في عملها الفني حول أزمة المناخ بعنوان ’ ارتفاع (Rising) 2017’

عمل Stelarc في ’الرجل الإلكتروني cyborg’، وعمل ’الأذن الثالثة كما هو في الصورة’. الشكل 12.

عمل Stelarc في ’الرجل الإلكتروني cyborg’، وعمل ’الأذن الثالثة كما هو في الصورة’. الشكل 12.

بن عزة أحمد

كلية الفنون والثقافة، جامعة قسنطينة3/صالح بوبندير

Articles du même auteur

© Tous droits réservés à l'auteur de l'article